يحدث اليوم أن تقنين الجريمة أسهل من تنفيذها!! عقاب الضحية مضمون، وعقاب المجرم بالحظ أو الواسطة والنفوذ!!
يحدث في مصر اليوم.. إن أي محترف إجرام قادر على سرقة أملاكك وسلامك بالقانون، أرخص من استئجار بلطجية!! يحبسك بمحضر على مقاس جنحة، تلفيق قاض فاسد، تنفيذ محام برقم قومي مضروب، وقانون حمار، قائم على تستيف الأوراق وسلامة الاجراءات!!
يحدث في مصر اليوم.. سهولة انتزاع أحكام غيابية ضد ضحايا غير هاربين، لأنهم ببساطة لم يعلموا بالاتهام أساسا!! الشرطة دفعت بالمحضر للنيابة بلا تحريات مباحث.. النيابة طلبت تحريات، استقاها معاون النيابة من الشاكي مقدم البلاغ المشبوه!! ليفاجأ المتهم باعلان حكم المحكمة (حبس أو غرامة) لامتناعه عن الحضور وفقا للأوراق!! في حالة عدم التنفبذ بتم توقيفه في المطار مسافرا أو راجعا!!
عاشت النيابة في وجداننا وعبر تاريخنا كمصريين، هي الملاذ الآمن ضد تلفيق التهم والتنكيل بالأبرياء.. وكيل النيابة ينوب عنا أفرادا ووطنا في الدفاع عن حقوقنا وأمننا وكرامتنا.
ومعلوم أن أي فساد في الاجراءات الجنائية سوف يبرئ الجاني ويٌنًكٍل بالضحية.. مثلا النيابة غير مسؤولة عن التحقق من صحة بيانات وسلامة إدعاء أي مواطن ضد آخر، إلا بعد سماع دفاع المتهم!! فماذا لو أن الضحية لم يعلم أنه متهم أصلا!! والأوراق تؤكد ارتكابه جنحة يعاقب عليها القانون!!
حدث في مصر بعد الثورة، أن تعددت حالات حبس احتياطي للاشتباه، تكرر تمديدها دون محاكمة انتظارا لتقديم الشاكي أدلة الادانة.. كل ما استندت عليه قوائم الاتهامات الموحدة شبهات لا تنفي ولا تؤكد.. لذلك أصيب مئات الأبرياء من أنقياء القلب والنية والوطنية إصابات نفسية جسيمة، وشابت أجهزتنا الأمنية شبهات صعب تأكيدها او نفيها من واقع ما حدث، واستغلها المنافقون وأصحاب الأجندات.
حتى أمر رئيس الجمهورية بتعديل قانون الاجراءات الجنائية بما يتناسب مع رؤيته للجمهورية الجديدة.. فانطلقت اللجنة التشريعية بمجلس نوابنا صاروخا يلبي النداء.. فعاجلتنا بدستور حماسي خرج عن مساره بقوة متصادما مع دستورالثورة، كما تصادم القطاران بالأمس القريب!! قدمت مشروع قانون فحص بنوده المستهدفون ومن يجيدون القراءة والكتابة، من محامين وصحفيين وأساتذة تشريع ومفكرين.. رأوا عوارا فيأربعين مادة، لأنها سالبة لحقوق، وحريات، وأمن المواطن!! رأوها شباك صياد!! رفعوا أصواتهم، مطالبين بالتأني وفتح حوار وطني مع المعارضين.. فأذهلنا عنف رد فعل اللجنة التشريعية السريع، وكأن رؤيتها مقدسة!! وكأن الوطنية اختصاصها وحكرها!! عصبية طعنها في المعارضين جاوزت حدود احترام الاختلاف إلى اتهامات!! تضاعف فزعنا، لأن مشروع اللجنة بشرنا بالأسوأ.
ستُسلب الحريات من الدستور بدلا من تحصينها!! سيتم تقنين التكميم!! سيُسلًم الأبرياء تسليم مفتاح، مسلوقين جاهزين للالتهام شهداءا!!
هذه بعض مؤشرات لما هو آت.. تغليظ الحكم الغيابي بإضافة " نافذ"!! بمعني اتحبس ثم اعترض!! نافذ تغرس أنياب حكم غيابي في نفس برئ فتحطمه قبل اثبات براءته، تحرم المتهم مما كفله دستورنا الحالي من حق المعارضة على الحكم الغيابي خلال العشرة أيام التالية " لإعلانه" بالحكم.
أزيدكم.. مشروع القانون يسقط أسوار حصون حرية كفلها بدستور ثورة!! منها:-
- (مادة 21) تسمح لورثة المجني عليه قبول التصالح!! هكذا يوقف القانون نزيف إنهاك الأثرياء بقضايا "إدهس بعربية بابا واطمئن، هو يدفع ويصالح، والنيابة لن تطارده بالحق المدني!!
- (مادة 25 و26) تُمنح سلطة الضبطية القضائية للمخبر ولمعاون المباحث (ياخوفي من البوابين والفكهانية، لأنهم مخبرين مقابل الحماية، وأصحاب واجب لمن يحميهم!!)
- مادة 63 تسمح لمعاون النيابة العامة بمباشرة التحقيق في قضية كاملة، وفي عدم وجود محام مع المتهم!! انتباه، الجهل بالقانون مسئوليتك يا متهم!!
محاكمة المحام إذا أطال، إذا خرج عن الموضوع أو عن أدبه، ولو خارج قاعة المحكمة!! هات محام من التلاجة.
غلاء خدمات سددنا مقابلها ضرائب يشعل أتون غضب.. عجز إطعام وتعليم أي أسرة كانت متوسطة باتت معدمة يدمي الكرامة، ويطيح بالصبر.
إضافة مادة 120 تمنح للنيابة حق مد مدة الحبس الاحتياطي!! ماهو ممدووود!! والرئيس طلب تعديله لحماية الأبرياء!! لماذا غضبت منا سيادة المستشار مغاوري رئيس اللجنة التشريعية لما قلنا احنا خايفين!! وقلت "45 سنة لم نسمع اعتراضا" !! ( جريدة المصري اليوم).. فين فرحتك بوعي ناخبيك، الذي هو المطر المتأخر!! الانسان الحر صناعة وطنية.
--------------------------
بقلم: منى ثابت